خطبة الجمعة القادمة بعنوان: الإيمان والعلم بتاريخ 4 سبتمبر 2020م، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 4 سبتمبر 2020م : الإيمان والعلم ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ: 16 من محرم 1442هـ – 4 سبتمبر 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الإيمان والعلم:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الإيمان والعلم ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الإيمان والعلم ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الإيمان والعلم : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الإيمان والعلم :
العنصر الأول: مفهوم الإيمان وعلاقته بالعلم
العنصر الثاني: علماء آمنوا
العنصر الثالث: دور العلم في زيادة الإيمان
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: مفهوم الإيمان وعلاقته بالعلم
عباد الله: تعالوا بنا لنقف مع حضراتكم حول مفهوم الإسلام والإيمان والفرق بينهما ؛ وعلاقة الإيمان بالعلم .
فالإسلام معناه: الاستسلام والخضوع والانقياد لأوامر الله تبارك وتعالى، فهو الانقياد الظاهري.
وأما الإيمان فمعناه: التصديق بالقلب؛ فهو الانقياد الباطني؛ فخص الإسلام بالأعمال الظاهرة؛ والإيمان بالأعمال القلبية الغيبية كما جاء في حديث جبريل عليه السلام ؛ هذا إذا اجتمعا؛ أما إذا افترقا فكلٌ منهما يحمل معنى الآخر ضمناً؛ ولذلك يقول العلماء في الإسلام والإيمان: إنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
أيها المسلمون: هناك علاقة وثيقة بين العلم والإيمان ؛ فهما متلازمان ؛ وهما وجهان لعملة واحدة ؛ فالعلم يدعو إلى الإيمان ويعمل على زيادته ؛ والإيمان يحث على طلب العلم وتعليمه ؛ ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى بينهما في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ؛ منها قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الروم:56].
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله: ” عطف الإيمان على العلم والاهتمام به؛ لأن العلم بدون إيمان لا يرشد إلى العقائد الحق التي بها الفوز في الحياة الآخرة . ” (التحرير والتنوير: [21/81]).
ومن المواضع – أيضًا – التي قرن الله فيها بين العلم والإيمان قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11) . أي يرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم درجات على من سواهم في الجنة. قال القرطبي: “ أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم” وقال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية، والمعنى: أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم (درجات) أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.”أ.هـ
وقال الرازي رحمه الله: “اعلم أنه تعالى ذكر الدرجات لأربعة أصناف: أولها: للمؤمنين من أهل بدر، قال: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله: {لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ} [الأنفال: 2-4]. والثانية: للمجاهدين، قال: { وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء: 95 ؛ 96]. والثالثة: للصالحين، قال: {وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه:75]. الرابعة: للعلماء المؤمنين، قال: {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
ولأهمية العلم وشرفه أن أول آية نزلت تحث على العلم { اقرأ } . ( العلق : 1 ) . لأن الإنسان لا يستطيع أن يعبد الله عبادة صحيحة حقة أو يزداد إيمانه؛ إلا إذا تعلم حقوق الله تعالى ؛ ومن هنا كان فضل العلم أعظم أجراً من الانقطاع إلى العبادة مرات ومرات؛ لذلك قرر الفقهاء أن المتفرغ للعبادة لا يأخذ من الزكاة، بخلاف المتفرغ للعلم، لأنه لا رهبانية في الإسلام، ولأن تفرغ المتعبد لنفسه، وتفرغ طالب العلم لمصلحة الأمة ! ، فقدم العمل المتعدي نفعه إلى الغير؛ على العمل القاصر نفعه على صاحبه، فقيامه بتعليم الناس أولى من العبادة، وذلك لتعدي نفعه وشمول خيره، وهذا الذي جعل الشيطان يفرح بموت العلماء أكثر مما يفرح بموت العباد .
فروي أن جنود الشيطان جاءوا إليه فقالوا له: يا سيدنا نراك تفرح بموت الواحد من العلماء، ولا تفرح بموت آلاف العُبَّاد؟!!! فهذا العابد الذي يعبد الله ليلاً ونهاراً يسبّح ويهلل ويصوم ويتصدق، لا تفرح بموت الألف منهم فرحك بموت الواحد من العلماء. قال: نعم أنا أدلكم على هذا، فذهب إلى عابد فقال له: يا أيها الشيخ هل يقدر الله أن يجعل السماوات في جوف بيضة؟ قال العابد: لا. وهذا جهل كبير. ثم ذهب إلى العالم وقال له: هل يقدر الله أن يجعل السماوات في بيضة؟. قال العالم: نعم، قال: كيف؟ قال: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن فيكون، فإذا قال للسماوات: كوني في جوف بيضة كانت، فقال الشيطان لجنوده: انظروا الفرق بين هذا وهذا. انظروا كيف كذب الأول بجهله، وكيف اعتصم الثاني بعلمه، وكيف اهتدى بكلمته أناس كثيرون ؟!!
وهكذا – أيها المسلمون – عرفنا مفهوم الإسلام والإيمان والفرق بينهما وعلاقة الإيمان بالعلم .
العنصر الثاني: علماء آمنوا
أيها المسلمون: إن التعمق في دراسة العلوم الدينية والكونية كان سببًا في إسلام كثير من العلماء ؛ ورفَعَهم العلمُ درجاتٍ في الإيمان عند الله في الدنيا والآخرة؛ وأكتفي هنا بذكر ثلاثة نماذج لعلماء أسلموا:
النموذج الأول: طبيب ألماني يسلم بسبب حديث ولوغ الكلب في الإناء: حيث كان هذا الطبيب يقتني كلباً وخصص له خادماً وطعاماً وغرفة ؛ فنصحه أحد المسلمين وبين له الطرق الوقائية في التعامل مع الكلاب ثم ذكر له الحديث النبوي الشريف:” إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات”.(متفق عليه).
وبطبيعة عمله في مجال الطب قال: ولماذا العدد سبع مرات؟!! ولماذا إحداهن بالتراب ؟!! فجاء بأدوات التعقيم الطبية وقام بغليان الماء إلى درجة شديدة؛ وغسل الإناء غسلاً جيداً ثم نظر بالميكروسكوب فوجد الميكروبات تلعق في الإناء؛ ثم قام بإعادة غسله سبع مرات ؛ ثم نظر بالميكروسكوب فوجد الميكروبات تلعق في الإناء مرة أخرى؛ فقال: لم يبق إلا تجربة محمد ؛ فقام بغسله سبع مرات أدخل في إحداهن التراب ؛ ثم نظر بالميكروسكوب فلم يجد شيئاً فقال على الفور: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
النموذج الثاني: أستاذ قانون يهودي يسلم بسبب آية الميراث: فهذا أستاذ مصري للقانون يعمل بإحدى الجامعات الأمريكية.. يقول :كنا في حوار قانوني, وكان معنا أحد أساتذة القانون من اليهود, فبدأ يتكلم ثم بدأ يخوض في الإسلام والمسلمين, فأردت أن أسكته فسألته: هل تعلم حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي؟. قال: نعم, أكثر من ثمانية مجلدات. فقلت له: إذا جئتك بقانون للمواريث فيما لا يزيد علي عشرة سطور, فهل تصدق أن الإسلام دين صحيح؟ .قال: لا يمكن أن يكون هذا. فأتيت له بآيات المواريث من القرآن الكريم وقدمتها له. فجاءني بعد عدة أيام يقول لي: لا يمكن لعقل بشري أن يحصي كل علاقات القربى بهذا الشمول الذي لا ينسى أحداً ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذي لا يظلم أحداً ؛ ثم أسلم هذا الرجل.
فكانت آيات المواريث وحدها سبيلاً إلي اقتناع هذا الرجل اليهودي بالإسلام .
النموذج الثالث: أستاذ أجنة يسلم بسبب آية أطوار خلق الجنين: إنه الدكتور كيث مور .. أستاذ علم التشريح والأجنة بجامعة تورنتو في كندا .. بدأ الأمر عندما حضر البروفيسور مور مؤتمراً للإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية في مصر.. وهناك في ذلك المكان وقف الدكتور مور ليقول :” إنني أشهد بإعجاز الله في خلق كل طور من أطوار القرآن الكريم، ولست أعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم أو أي شخص آخر يستطيع معرفة ما يحدث في تطور الجنين !! لأن هذه التطورات لم تكتشف إلا في الجزء الأخير من القرن العشرين !! وأريد أن أؤكد على أن كل شيء قرأته في القرآن الكريم عن نشأة الجنين وتطوره في داخل الرحم ينطبق على كل ما أعرفه كعالم من علماء الأجنة البارزين !! “. وكان يتكلم عن الآية القرآنية الكريمة: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }.[المؤمنون: 12- 14].
وشهادته هذه ليست شهادة رجل عادي؛ وانما شهادة رجل من أهل العلم والاختصاص ؛ وهو أدرى الناس بنشأة الجنين وتطوره لأن ذلك اختصاصه ؛ فالذي قاده للإسلام هو علمه وأبحاثه ودراسته ؛ وأخيراً إنصافه .
وهكذا كان العلم سبيلًا وطريقًا وسببًا في إسلام وإيمان كثير من العلماء على اختلاف تخصصاتهم العلمية ؛ وهذه هي العلاقة القوية التي بين العلم والإيمان .
العنصر الثالث: دور العلم في زيادة الإيمان
عباد الله: للعلم والتعلم دور بارز في زيادة الإيمان عند العبد ؛ فكلما انغمس الإنسان في العلم كلما زاد إيمانه ويقينه وتقواه لله سبحانه وتعالى ؛ وذلك يتضح من خلال الوسائل التالية :
أولًا : حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير والحرص عليها: فكلما كان الإنسان حريصًا على حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير والخطب والدروس كلما ازداد إيمانه ؛ ولذلك تجد الرجل عند سماع درس الجنازة – مثلًا – يزداد إيمانًا وخشوعًا وتقوى ؛ فإذا خرج وانشغل بمتطلبات الحياة نسي كثيرًا ؛ وهذا ما وجده الصحابة في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ؛ فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ:” لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”( مسلم). والضيعات : هي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة .
ثانيًا: المداومة على تعلم وتلاوة القرآن: ففي قراءته وتلاوته يزداد الإيمان؛ ويدل على ذلك قول الله عز وجل في وصف المؤمنين الصادقين : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ( الأنفال: ٢ ) . وكذلك تدبره ففيه أعظم النفع لزيادة الإيمان وأما القلوب الغافلة فلا تتدبره ، ويدل على ذلك قول الله تعالى: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ( محمد: ٢٤ ). يقول الإمام ابن القيم : ” قراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى في حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن “. [ مدارج السالكين].
فإذا تدبر العبد آيات الله تعالى وما فيها من وعد ووعيد وجنة ونار والأعمال التي تسوق إليهما زاد إيمانه ويقينه بوعد ربه ووعيده .
وهذا هو الرسول الأكرم والمعلم الأعظم يضرب المثل والقدوة في التأثير بالقرآن والتجارب مع آياته الكريمة والخوف والبكاء من خشية الله، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” اقْرَأْ عَلَيَّ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ:{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا }؛ قَالَ: حَسْبُكَ الْآنَ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ” (البخاري)؛ أي: يبكي صلى الله عليه وسلم من التأثر بالقرآن والتعايش معه؛ إذ علم أنّه صلى الله عليه وسلم المقصود والمعني بهذه الآية. وعَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ” أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَعْنِي يَبْكِي”( أحمد وأبو داود النسائي) ؛ أي: أنّه صلى الله عليه وسلم كان يحدث مثل الهزة عند القراءة لشدة تأثُّره بها، وأزيز المرجل هو صوت الإناء الذي يغلي به الماء!!
فهناك تفاعل مع الآيات تدفع القارئ دفعاً إلى الخوف من الله والبكاء والتأثر بالقرآن؛ وأنا أسألك – أخي القارئ العزيز – هل بكيت وأنت تقرأ القرآن ذات مرّة؟! هل شعر أحد منكم بلذة القرآن وحلاوته؟! هل دخل أحدكم مرة في صلاة القيام وكان ينوي أن يصلي بربع فإذا به لا يستطيع مقاومة حلاوة القرآن فقرأ أكثر من ذلك واستمتع بالقرآن ومناجاة الرحمن؟!
ثالثًا: العلم ومعرفة الله تعالى: فكلما كان الإنسان عالما عارفا بالله كلما كان أشد خشية له؛ ولذلك قال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (فاطر: 28). يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة: ” { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى ؛ كلما كانت المعرفة به أتمّ والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر. ” . أ . ه
والعلماء في هذه الآية الكريمة هم علماء الدين وعلماء الطبيعة والفلك والعلوم الإنسانية والكونية ؛ لأن الآيات قبلها تتكلم عن الظواهر الكونية ؛ لذلك يحث الإسلام على طلب هذه العلوم ؛ لأن تعلمها خشية لله تعالى؛ وفيه نفع للأمة وتقدمها ورقيها وازدهارها .
انظر إلى الطبيب, يخاف أن يأكل حبة فاكهة من دون غسيل، لأنه يعرف الجراثيم والأمراض والتهاب الأمعاء، يخاف أن يأكل أكلة غير نظيفة، يعرف مضاعفات هذا الطعام، لذلك لا يخاف إلا عالم !!
رابعًا: سؤال الله تعالى زيادة الإيمان وتجديده: فنحن نعلم أن القلب سمي قلبًا لتقلبه ؛ وأن الإيمان يحتاج إلى المداومة والثبات على الطاعة والعبادة ؛ لذلك يستحب كثرة الدعاء وسؤال الله الثبات على الإيمان ودوام تجديده ؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ ” . (الطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي). وقوله : إن الإيمان ليخلق أي إنه ليبلى ، فالمؤمن إذا أحس بقسوة في قلبه وفتور ونقص في الإيمان سأل الله تعالى أن يجدد الإيمان ويزيده في قلبه ، فقد كان السلف يحرصون على هذا الجانب فيسألون الله عز وجل زيادة الإيمان ، فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : ” اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا ح الباري) .
هذه هي وسائل زيادة الإيمان عن طريق العلم والتعلم ؛ فاحرصوا عليها والزموها لتزدادوا إيمانا مع إيمانكم .
نسأل الله أن يزيدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا ؛ وأن يرفع عنا الوباء والبلاء وسائر بلاد العالمين ؛؛؛؛؛
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف